مجلس حقوق الإنسان يناقش مشكلات الاقتصاد العالمي والحق في بيئة صحية ومستدامة
في الدورة الـ55 المنعقدة بجنيف
استعرضت المفوضية السامية لحقوق الإنسان خلال فعاليات الدورة الـ55 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف تقريراً تناقش فيه النقاط الرئيسية المتعلقة بالمشاكل التي تواجه الاقتصاد العالمي، والممارسات الواعدة، في ما يتعلق بمسؤولية مؤسسات الأعمال عن احترام حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة والثغرات في الأطر المعيارية الحالية.
وانتقد التقرير النظام الاقتصادي العالمي الحالي، الذي يركز على النمو اللامتناهي وتحقيق الأرباح للشركات، مشيرًا إلى استغلاله الناس والكوكب على حد سواء، مما يؤدي إلى تفاوتات فاضحة متعددة الأبعاد تتجاوز حدود الكوكب وتعوق التمتع الكامل بحقوق الإنسان لمليارات الأشخاص.
وأفاد التقرير بأن الأزمة المناخية والبيئية الكوكبية تسببت في وفاة ما يقرب من 9 ملايين شخص سنوياً نتيجة التلوث وتساهم في زيادة موجات الحر والجفاف وحرائق الغابات والفيضانات وغيرها من الظواهر الجوية القصوى، وتضر بالنظم البيئية والتنوع البيولوجي اللذين يؤمنان نظم حفظ الحياة على الأرض.
ووجد برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2022، أنه يجب خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة على الأقل بحلول عام 2030 لتجنب كارثة عالمية.
ويثير حجم الأنشطة التجارية الجارية والحصة التي تسهم بها هذه الأنشطة في الأزمة الكوكبية شواغل جدية بشأن مدى كفاية القواعد المعيارية، لذا، يبدو ضرورياً إحداث تغييرات تفضي إلى التحول من أجل تعديل النظام الاقتصادي العالمي، وتسخير الطاقة الإيجابية للأعمال التجارية، وتحقيق انتقال عادل يكفل التمتع الكامل بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة للجميع.
وقد طلب مجلس حقوق الإنسان في قراره 23/52، إلى المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة ديفيد بويد، أن ينظم حلقة دراسية للخبراء لمدة يوم واحد بشأن مسؤولية مؤسسات الأعمال عن احترام حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وأن يقدم تقريراً موجزاً عن الحلقة الدراسية إلى المجلس في دورته الخامسة والخمسين.
وتلبية لهذا الطلب استضاف المقرر الخاص حلقة نقاشية مختلطة للخبراء في 24 نوفمبر 2023 بمساعدة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ودعم من برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وكان من بين المشاركين في الحلقة الدراسية ممثلون عن الدول وأوساط الأعمال والمستثمرين والمنظمات الدولية، بما في ذلك وكالات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ووجه المقرر الخاص، في ملاحظاته الافتتاحية الانتباه إلى قرار مجلس حقوق الإنسان 23/52 الذي دعيت فيه الدول إلى إنشاء أطر قانونية ومؤسسية فعالة لتنظيم أنشطة الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص والحفاظ على هذه الأطر وتعزيزها من أجل منع الضرر الذي يلحق بالتنوع البيولوجي والنظم البيئية والحد منه ومعالجته مع مراعاة الالتزامات والتعهدات المرتبطة بحقوق الإنسان في ما يتعلق بالتمتع ببيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وشجعت على اعتماد سياسات وطنية ومحلية متكاملة ومترابطة وشاملة وإطار قانوني فعال للتمتع بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وتدعيم قطاع أعمال خاص مسؤول وتشجيع الإبلاغ عن الاستدامة على مستوى الشركات مع احترام المبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان والمعايير البيئية، وفقا للاتفاقات الدولية ذات الصلة.
وشدد المقرر الخاص على حسن توقيت الحلقة الدراسية، التي عقدت في خضم أزمة بيئية كوكبية تمثلت في حالة الطوارئ المناخية، وتدهور التنوع البيولوجي، والتلوث السمي المنتشر، وندرة المياه، والتصحر، وتدهور الأراضي، وطفرة في ظهور الأمراض الحيوانية المصدر، والأزمة البيئية الكوكبية هي أيضاً أزمة حقوق إنسان تضر بشكل غير متناسب بالأفراد والمجتمعات الذين يعيشون في حالات ضعف وتهميش، بمن في ذلك الأشخاص الذين يعيشون في فقر، والأشخاص ذوو الإعاقة، والأطفال، وكبار السن، والنساء، ومجتمع الميم الموسع، والمهاجرون واللاجئون، وأفراد الشعوب الأصلية، والأشخاص المنحدرون من أصل إفريقي، والأشخاص الذين يعانون من أشكال التهميش وعدم المساواة المتقاطعة.
ووصف المقرر الخاص "مناطق التضحية" بأنها مناطق شديدة التلوث، توجد في جميع مناطق العالم، حيث تتحمل الفئات الضعيفة والمهمشة عبئاً غير متناسب من العواقب الصحية والبيئية والمتعلقة بحقوق الإنسان نتيجة التعرض للتلوث والمواد الخطرة التي تسببها الأعمال التجارية.
الفرص والحواجز والمخاطر
تحت العنوان السابق سلط المشاركون الضوء على تأثير قطاعات التعدين والوقود الأحفوري والزراعة والكيماويات والمالية باعتبارها في صميم النقاش بشأن حرمان مليارات الأشخاص من التمتع الكامل بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة. فالوقود الأحفوري لا يزال المصدر المهيمن للطاقة، حيث تزيد مستويات استهلاك الفحم والنفط والغاز الطبيعي حالياً بكثير على المستويات المسجلة في عام 1992، على الرغم من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبروتوكول كيوتو، واتفاق باريس.
وتشير أحدث التوقعات إلى أن الحكومات والصناعة تخطط لمستويات إنتاج واستهلاك من الوقود الأحفوري ستتجاوز في عام 2030 المستويات المحددة وفقاً للالتزام العالمي بالحد من ظاهرة الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية.
ووفقًا للتقرير يتمثل أحد التحديات التي جرى تحديدها في الأطر القانونية والمعيارية القائمة، مثل التشريعات البيئية والمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، في ما إذا كانت هذه الأطر مناسبة للاقتصاد غير النظامي الذي يشكل ما يصل إلى 70 في المائة من الأعمال التجارية والوظائف في جنوب الكرة الأرضية.
ولا يزال جزء هام من النقاش يركز على الشركات متعددة الجنسيات وسلاسل الإمداد الخاصة بها. وبعض نماذج الأعمال التجارية التي يمكن أن تتعارض مع المسؤولية عن احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.
وعلاوة على ذلك، تنطوي بعض الصناعات بحكم طبيعتها على مشاكل من منظور حقوق الإنسان، بما في ذلك قطاعات الوقود الأحفوري، والتبغ، والسيارات، والتعدين، ومبيدات الآفات الشديدة الخطورة، والمواد الكيميائية، وصناعة الأسلحة، فقد كذبت هذه الصناعات باستمرار وتلاعبت بالقواعد العلمية وضللت الجمهور وصانعي السياسات بشأن العواقب الصحية والبيئية الضارة لمنتجاتها.
وقد تسبب هذا النمط العام من الخداع في ملايين الوفيات المبكرة، ومليارات الأمراض، وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ذات الصلة بالأعمال التجارية، بما في ذلك انتهاكات الحق في بيئة صحية، وتواصل الدول، بشكل لا يصدق، تقديم الدعم لأكثر قطاعات الأعمال تدميراً، ففي عام 2022 بلغ دعم الوقود الأحفوري 7 تريليونات من الدولارات على مستوى العالم، أو 7.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما في ذلك 1.3 تريليون دولار في شكل دعم مباشر و57 تريليونا من الدولارات في شكل دعم غير مباشر.
واقترح مشاركون تحفيز الأعمال التجارية على الامتثال لحق الإنسان في بيئة صحية. ورأى مشاركون آخرون أن الحوافز غير كافية وأن هناك حاجة إلى وضع لوائح تنظيمية ملزمة.
وفي حين تستخدم بعض الأعمال التجارية المبادئ التوجيهية المتعلقة بحقوق الإنسان مرجعاً تسترشد به، فإن الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة غير مذكور صراحة في المبادئ التي تتضمن إشارة إلى حقوق الإنسان المعترف بها دوليا.
وأُوصي بإضافة مرفق إلى المبادئ التوجيهية وتضمينه الحق في بيئة صحية على وجه التحديد. وأشير إلى أن العديد من الأعمال التجارية، ولا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لا تعلم بوجود المبادئ التوجيهية أو لا تدرك مسؤولياتها في ما يتعلق باحترام الحق في بيئة صحية.
وتنظر بعض الدول والأعمال التجارية إلى صناعة تعويض الكربون سريعة النمو، ولكنها تشهد اضطرابات شديدة، باعتبارها عاملاً رئيسياً يسهم في الانتقال المتوقع إلى اقتصاد يقوم على صافي انبعاثات صفري. ومن المتوقع أن ينمو سوق تعويض الكربون الطوعي من ملياري دولار في عام 2020 إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2050. ومع ذلك، وكما لاحظ أحد المشاركين، فقد تبين أن العديد من هذه المشاريع ينطوي على مشاكل كبيرة، إما لأنها احتيالية أو تبالغ باستمرار في تقدير الآثار أو تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان، وتحت ستار إنشاء أرصدة للكربون، تعرضت شعوب أصلية ومجتمعات محلية تعتمد على الغابات للتهجير والإخلاء القسري.
إعادة التفكير في النمو الاقتصادي
أورد التقرير مناقشة نشطة حول ما إذا كانت الدول بحاجة إلى إعادة التفكير في النمو الاقتصادي من أجل تقليص حجم الاقتصاد العالمي بحيث يكون متناسباً مع الحدود الإيكولوجية للكوكب.
وأشار المقرر الخاص إلى الفجوة المذهلة في الثروة بين دول مثل الترويج، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها 106000 دولار، ودول مثل بوروندي، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها 234 دولاراً، وسأل عن الكيفية التي يمكن بها التوفيق بين تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي في النرويج وغيرها من الدول الغنية والحدود الإيكولوجية. وأشار إلى المناقشات التي جرت في تسعينيات القرن الماضي في سياق تغير المناخ حول التقليص والتقارب. ويشير ذلك إلى خفض استخدام الطاقة والمواد في الدول الغنية وزيادة استخدام الطاقة والمواد في الدول منخفضة الدخل.
وأعرب المشاركون عن آراء متباينة حول قضايا كبح النمو وما بعد النمو والاقتصادات التي تتسم بحالة ثابتة.
وأشار أحد المشاركين إلى أن المناقشات الجارية بشأن تمويل الخسائر والأضرار الناجمة عن المناخ تتسم بأهمية حاسمة، وتعكس ما إذا كان ينبغي إرغام الأعمال التجارية التي تسببت في كميات كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة على المساهمة في صندوق الخسائر والأضرار المنشأ حديثاً، الذي تلقى مئات الملايين من الدولارات في شكل إعلانات تبرع من الدول في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف.
ولم تتضمن المقترحات، التي انبثقت عن الاجتماع الخامس للجنة الانتقائية، في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في ما يتعلق بتفعيل ترتيبات التمويل الجديدة للاستجابة للخسائر والأضرار، أي دور للأعمال التجارية.
ووفقًا للتقرير تقتضي الروابط العميقة بين أزمة المناخ والتدهور البيئي وحقوق الإنسان أن تعيد الدول والأعمال التجارية التفكير في حوكمة الشركات. وفي حين أن العمليات التجارية يمكن أن تحدث آثاراً بيئية مباشرة على المستوى المحلي، مما يؤثر على حقوق الإنسان للأفراد والمجتمعات المحلية التي تعيش في منطقة معينة، يمكنها أن تسهم أيضاً في الآثار التراكمية على المستوى العالمي، وعلى سبيل المثال، في سياق تغير المناخ وانبعاثات غازات الدفيئة، يمكن أن تساهم شركة تقع في أوروبا في ظواهر الجفاف وانعدام الأمن الغذائي وندرة المياه التي تواجه أسراً تعيش في منطقة أخرى.
وتحتاج الدول والأعمال التجارية إلى إرشادات لا تقتصر على كيفية منع ومعالجة الآثار المحلية المرئية على حقوق الإنسان الناجمة عن الأضرار البيئية، بل تشمل أيضاً سبل التصدي للآثار المترتبة.
وأثير سؤال بشأن الكيفية التي يمكن بها للأعمال التجارية تحديد أصحاب الحقوق وإشراكهم بشكل هادف في عمليات بذل العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان والقضايا البيئية. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الأفق الزمني للآثار البيئية يميل إلى أن يكون مساويا للآثار المتعلقة بحقوق الإنسان أو أطول منها، وبالتالي قد يعرض حقوق أجيال المستقبل للخطر فتدهور التربة، على سبيل المثال، قد لا يكون قابلاً للإصلاح خلال عمر الإنسان، وتهدد إساءة معاملة الأعمال التجارية للتربة قدرة أجيال المستقبل على تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك حقها في الغذاء.
واتفق المشاركون على أن مساءلة الشركات لا يمكن أن تتوقف عند بذل العناية الواجبة، وأشار بعض المشاركين إلى أن العناية الواجبة ليست سوى أداة واحدة لإجبار الأعمال التجارية على اتخاذ ما يلزم من إجراءات تمنع الإضرار بالمناخ والبيئة والمساس بحقوق الإنسان.
ويظهر اختلال توازن القوى بانتظام في القانون الدولي العام. فلا تزال بعض الدول تنكر أن الحق في بيئة صحية هو حق من حقوق الإنسان معترف به دولياً، على الرغم من تصويتها لصالح القرارات الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة، وعلى سبيل المثال، ذكرت المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة أن قرارات الأمم المتحدة لا تغير مكانة القانون الدولي العام. ويبقى الجدل قائماً حول كيفية تعريف وجود قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي والاعتراف بها.
وأفاد أحد المشاركين بأن آليات اللجوء إلى العدالة والإنفاذ في القانون الدولي لحقوق الإنسان، بالنظر إلى وجوب استنفاد سبل الانتصاف المحلية، أضعف بكثير من الآليات المتاحة للمستثمرين الأجانب، الذين يمكنهم اللجوء مباشرة إلى هيئات التحكيم الدولي، حيث تبدو سبل الانتصاف أقوى بكثير مما هي عليه في دعاوى حقوق الإنسان نظراً لقابليتها للإنفاذ في معظم الدول. وأشير إلى فجوة هيكلية كبيرة أخرى في التحكيم الدولي تتمثل في الفشل في إدراج حقوق الإنسان بما في ذلك الحقوق المتعلقة بالمشاركة العامة، واللجوء إلى العدالة، وحقوق الشعوب الأصلية.
ولاحظ بعض المشاركين أنه حتى الاجتماعات التي تعقدها وكالات الأمم المتحدة بمشاركة ممثلي قطاع الأعمال والمجتمع المدني تعكس اختلالات في موازين القوة. وعلاوة على ذلك، يجب على بعض وكالات الأمم المتحدة المشاركة في مختلف المشاريع والخطط، مثل خطط العمل الوطنية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان، التي لا تشير إلا إلى التدابير الطوعية، أن تحرص على عدم تقويض الطابع الملزم قانوناً للالتزامات والمسؤوليات المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأعرب المشاركون عن تضامنهم مع الشعوب الأصلية والأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي، بمن فيهم مجتمع كوبلومبولاس والفلاحون وغيرهم من المجتمعات المحلية المعتمدة على الطبيعة والمدافعين عن حقوق الإنسان البيئية الذين يتعرضون للتهديدات والمضايقات والعنف ويجرمون ظلماً ويودعون في السجن لمقاومتهم الاستيلاء على الأراضي والاستيلاء على المياه وغير ذلك من الأنشطة التجارية غير العادلة وغير المستدامة.
وحث المقرر الخاص في ملاحظاته الختامية، الدول الغنية على بدء محادثات جادة بشأن اقتصاديات ما بعد النمو، وفي حين أنه يجب أن يكون هناك نمو اقتصادي يفيد الناس الذين يحتاجون إلى النهوض بمستوى معيشتهم المادي في جنوب الكرة الأرضية.
استنتاجات وتوصيات
وأورد التقرير التوصيات ومنها ضرورة الاعتراف بحق أجيال الحاضر والمستقبل في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة وحمايتها في القانون الدستوري والبيئي وقانون حقوق الإنسان، والاستعاضة عن الأطر المعيارية غير الملزمة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان بتشريعات قابلة للإنفاذ قانوناً في ما يتعلق بواجب مؤسسات الأعمال بذل العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان والقضايا البيئية، بما في ذلك التقييمات المناخية والبيئية الإلزامية في جميع مراحل سلاسل التوريد الخاصة بها، بما يتفق مع الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، مع فرض شروط مختلفة ومتناسبة وفقاً لحجم الشركة.
إدراج الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة صراحة في مشروع الصك الملزم قانوناً بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وزيادة الموارد المخصصة للوفاء بالتزامها بتنظيم ورصد ومراقبة سلوك الصناعة الحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الوصول إلى المعلومات واللجوء إلى العدالة والحق في المشاركة والحق في حرية التعبير والحق في تكوين جمعيات والحق في التجمع والحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.
أيضًا تعزيز التشريعات القوية المتعلقة بالوصول إلى المعلومات التي تنص على الكشف الاستباقي والإلزامي عن المعلومات المناخية والبيئية وحقوق الإنسان وغيرها من المعلومات المتعلقة بالمصلحة العامة، وسن تشريعات بشأن الدعاوى القضائية الاستراتيجية ضد المشاركة العامة لمنع المضايقات القضائية التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون وغيرهم من قبل مؤسسات الأعمال.
التحقق من أن جميع آليات التظلم، سواء أكانت قضائية أم غير قضائية، تتضمن مبادئ حقوق الإنسان، فالدول ملزمة بإنشاء آليات جنائية ومدنية وإدارية تراعي خصوصية الطفل وتكون متاحة وميسرة الاستخدام ومعروفة للأطفال وممثليهم، نظراً لتأثير الأنشطة والعمليات التجارية على حقوق الطفل.
كذلك تعزيز الآليات القانونية الإقليمية والوطنية لحماية الشعوب الأصلية بما يتماشى مع إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المعتمدة على الطبيعة والمدافعين عن حقوق الإنسان البيئية.
تعزيز فعالية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من خلال تشريعات أقوى، وزيادة الدعم المالي، وتعزيز القدرة على رصد الآثار المناخية والبيئية للأنشطة التجارية على حقوق السكان وتقييمها بفعالية.
أيضًا إنهاء الإعانات الضارة بالبيئة التي تحصل عليها الأعمال التجارية، ولا سيما دعم الوقود الأحفوري، وإعادة توجيه تلك الأموال، بالإضافة إلى فرض ضرائب على التلوث، من أجل العمل المناخي والبيئي، مع اتخاذ خطوات لمنع الآثار التراجعية على الأسر ذات الدخل المنخفض وحماية حقها في مستوى معيشي لائق.
إلزام الأعمال التجارية بالامتثال لمعايير حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وإدراج مبدأي الوقاية والتحوط في التشريعات البيئية المحلية لكي تكون مؤهلة لتقديم العطاءات في إطار عمليات المشتريات الحكومية.
اتخاذ إجراءات تشريعية لمنع شركات المحاماة والمحاسبة والعلاقات العامة والاستشارات الإدارية من مساعدة الأعمال التجارية على التهرب من المسؤوليات البيئية، والحفاظ على نقاء سمعتها عن طريق التمويه الأخضر، وتيسير الأضرار المناخية والبيئية والمتعلقة بحقوق الإنسان.
اغتنام فرصة انعقاد مؤتمر القمة المعني بالمستقبل لمناقشة التغييرات التحويلية اللازمة لعلاج المشاكل النظمية التي تواجه النظام الاقتصادي ونموذج الأعمال الحاليين.
الاعتراف بأن السلام شرط أساسي مسبق لإعمال حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة على الصعيد العالمي.
ومن أجل الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان ينبغي أن تبني الدول والأعمال التجارية القدرات الداخلية في ما يتعلق ببذل العناية الواجبة في مجالات المناخ والبيئة وحقوق الإنسان.
ثم إن التحقق من احترام الأعمال التجارية للحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة هو من بين أهم التحديات التي تواجه الدول في القرن الحادي والعشرين، وينبغي أن تأخذ الدول بنهج قائم على الحقوق في جميع الإجراءات المناخية والبيئية، مع الاعتراف بأنه لا توجد طريقة أخرى لتحقيق مستقبل عادل ومستدام للجميع.
الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان
شهدت جنيف مؤخراً فعاليات الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، والتي عقدت خلال الفترة من 26 فبراير إلى 5 أبريل 2024، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
ويضم مجلس حقوق الإنسان الدولي 47 دولة، بينها 7 دول عربية، هي المغرب والجزائر والكويت وقطر والصومال والسودان والإمارات، وتشهد هذه الدورة حضورا بارزا للقضية الفلسطينية على جدول أعمالها.
ويضم مكتب مجلس حقوق الإنسان، كلا من رئيس المجلس السفير عمر زنيبر عن المغرب، و3 نواب الرئيس ومقرر، وهم سفراء إندونيسيا وباراغواي وفنلندا وليتوانيا، فيما يضم الفريق الاستشاري للمجلس سفراء تشيلي والعراق وأرمينيا واليونان.
خلال هذه الدورة نوقشت حالة حقوق الإنسان في فلسطين، إلى جانب تقرير الأمين العام عن حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل، وتقرير المفوض السامي عن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، وكذلك تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.